بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لن يدخل أحد منكم الجنة بعمله، قالوا, ولا أنت يا رسول الله, قال, ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته, وروي بمغفرتة )وهذا لا يعني أن الأعمال ليس لها قيمة ولا تأثير في دخول الجنة، وإلا فقد قال الله تعالى( وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون)وقال(جزاءّ بما كانوا يعملون)والجمع بين هذه الآيات والحديث ,أن العمل سبب لدخول الجنة، وإنما يدخلها من يدخلها برحمة الله إذا أخذ بالسبب الذي جعله الله سبباّ لدخولها، فإن رحمة الله لا ينالها إلا من اجتهد في طاعة الله وأحسن العمل، كما قال تعالى(إن رحمة الله قريب من المحسنين)فعلى العبد أن يقف في مساقط رحمة الله تعالى مجتهدا في العمل الصالح غير راكن إلى هذا العمل عالما أنه إنما يدخل الجنة ويستحق المثوبة بفضل الله ومنته,وقوله صلى الله عليه وسلم,لن يدخل أحد منكم الجنة بعمله، لا يناقض قوله تعالى(جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) فالعمل لا يقابل الجزاء وإن كان سببا للجزاء؛ ولهذا من ظن أنه قام بما يجب عليه وأنه لا يحتاج إلى مغفرة الرب تعالى وعفوه، فهو ضال،وأما عذاب القبر فإن من مات وهو مستحق له فهو تحت مشئية الله فإن شاء ناله شيء منه وإن شاء غفر له فلم يصبه شيء منه بل هو في نعيم وسرور،عن النبي صلى الله عليه وسلم قال,العبد اذا وضع في قبره,وتولي وذهب أصحابه حتى إنه ليسمع قرع نعالهم أتاه ملكان فأقعداه، فيقولان له ما كنت تقول في هذا الرجل محمد صلى الله عليه و سلم,فيقول أشهد أنه عبد الله ورسوله فيقال,انظر إلى مقعدك من النار أبدلك الله به مقعدا من الجنة قال النبي صلى الله عليه وسلم فيراهما جميعا، وأما الكافر أو المنافق فيقول,لا أدري كنت أقول ما يقول الناس فيقال,لا دريت ولا تليت ثم يضرب بمطرقة من حديد ضربة بين أذنيه فيصيح صيحة يسمعها من يليه إلا الثقلين,وزاد فيه مسلم,قال قتادة,وذكر لنا أنه يفسح له في قبره سبعون ذراعا يعني المؤمن ويملأ عليه خضرا إلى يوم يبعثون,وقال صلى الله عليه وسلم,إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقفال إلى الآخرة نزل إليه ملائكة من السماء بيض الوجوه كأن وجوههم الشمس معهم كفن من أكفان الجنة وحنوط من حنوط الجنة حتى يجلسوا منه مد البصر، ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه فيقول أيتها النفس المطمئنة اخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان,قال فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من في السقاء فيأخذها، فإذا أخدها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يأخدوها فيجعلوها في ذلك الكفن وفي ذلك الحنوط ويخرج منها كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الأرض، فيصعدون بها فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا ما هذه الريح الطيبة فيقولون فلان ابن فلان بأحسن أسمائه التي كانوا يسمونه بها في الدنيا حتى ينتهوا به إلى السماء الدنيا، فيستفتحون له فيفتح له فيشيعه من كل سماء مقربوها إلى السماء التي تليها حتى ينتهي بها إلى السماء السابعة فيقول الله عز وجل اكتبوا كتاب عبدي في عليين وأعيدوه إلى الأرض فإني منها خلقتهم وفيها أعيدهم ومنها أخرجهم تارة أخرى,قال فتعاد روحه فيأتيه ملكان فيجلسانه فيقولون له من ربك فيقول ربي الله، فيقولون له ما دينك فيقول ديني الإسلام، فيقولون له ما هذا الرجل الذي بعث لكم فيقول هو رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقولان له وما علمك,فيقول,قرأت كتاب الله تعالى فآمنت به وصدقت فينادي مناد من السماء أن صدق عبدي فأفرشوه من الجنة وألبسوه من الجنة وافتحوا له بابا إلى الجنة، فيأتيه من روحها وطيبها ويفسح له في قبره مد البصر,قال ويأتيه رجل حسن الوجه حسن الثياب طيب الريح فيقول أبشر بالذي يسرك هذا يومك الذي كنت توعد,فيقول له من أنت فوجهك الوجه الذي يجيء بالخير فيقول أنا عملك الصالح فيقول رب أقم الساعة رب أقم الساعة حتى أرجع إلى أهلي ومالي, وهذا واضح الدلالة على أن المؤمنين ينعمون في قبورهم,
عليك أن تجتهد في طاعة الله وتستمر في طريق الاستقامة راجي من الله تعالى أن يجعلك من أهل الإيمان الذين ينعمون في قبورهم ويخرجون بالموت من سجن الدنيا إلى سعة الآخرة ونعيمها,عليك أن تحسن ظنك بربك تعالى,وأن تجمع بين الخوف والرجاء في طريق سيرك إلى الله ,
اللهم انى اسألك الجنه وما قرب اليها من قول وعمل, واستعيذ بك من النار وما قرب اليها من قول وعمل